بالصدفة، بالقرب من مضيق جبل طارق عام 1872م عثرت أحدى السفن على سفينة (ماري سليست) في عرض البحر، على بعد حوالي 500 كيلومتر من جزر (أزوري) -وجهتها النهائية-.
تاريخ السفينة
هي سفينة شراعية ضخمة تستطيع السفر بحمولة 282 طن، تم بناؤها عام 1861 في كندا وسجلت كسفينة تجارية هناك. خلال رحلتها البحرية الأولى، لفظ قبطانها الكابتن روبرت ماكلاي وهو ابن مالك السفينة أنفاسه الأخيرة على سطحها نتيجة إصابته بمرض ذات الرئة، وقد لازمها النحس في رحلتها اللاحقة حين اصطدمت بقارب صيد، وفي أول رحلة لها عبر الأطلسي اصطدمت بسفينة داخل القناة الإنكليزية، ثم أبحرت لعدة سنوات كسفينة لنقل البضائع من وإلى أمريكا الجنوبية، وفي إحدى رحلاتها تلك تعرضت إلى عاصفة قوية فجنحت عن مسارها وأصيبت بأضرار.
advertisements
الرحلة الأخيرة
و في عام 1868 بيعت إلى شخص أمريكي سجلها في نيويورك تحت اسم ماري سليست ثم ما لبث ان باعها بدوره إلى مجموعة من الشركاء كان احدهم هو بنيامين بريدج الذي أصبح قبطانها وأبحر بها في عدة رحلات تجارية عبر الأطلسي.
في 5 تشرين الثاني / نوفمبر 1872 أبحرت ماري سليست من نيويورك، وكانت حمولتها تتكون من 1701 برميل من الكحول الخام المرسل إلى إيطاليا، بعد شهر من إنطلاق ماري سليست كانت سفينة أمريكية أخرى اسمها ديا كراتيا تبحر باتجاه أوروبا تحت إمرة القبطان ديفيد مورهاوس وهو صديق قديم لبنيامين بريدج، ولم يكن يتوقع أبدا ان يلتقي بالسفينة ماري سليست في عرض المحيط لأنها كانت قد انطلقت في رحلتها قبل ثمانية أيام على إبحاره، لكن بينما كان القبطان مورهاوس يبحر بسفينته في المحيط على بعد 600 ميل إلى الغرب من البرتغال، لمح بحارته سفينة مجهولة على مسافة حوالي 8 كيلومترات من سفينتهم. أمر القبطان مورهاوس بحارته بالتوجه نحو السفينة المجهولة، وعندما اقتربوا منها بدرجة كافية اكتشف القبطان مورهاوس ان السفينة المجهولة لم تكن سوى ماري سليست، سفينة صديقه القبطان بينيامين بريدج، التي كان من المفروض أنها تبحر الآن قرب مضيق جبل طارق.
أدرك القبطان مورهاوس أن السفينة ماري سليست قد تعرضت لمشكلة ما لذلك قرر إرسال أحد بحارته ليصعد على متنها ويعرف ماذا حل بها، وكان هذا البحار هو اوليفر ديفيو الذي توجه نحو ماري سليست بالقارب ثم تسلق إلى سطحها. كان أول عمل قام به هو التحقق من مضخات السفينة فوجد ان احدها ما زال يعمل أما الاثنان الآخران فكانا مفقودان، وخلال تفتيشه للسفينة لم يعثر على أي شخص، كان الجميع قد اختفوا.
advertisements
اللغز
المثير للدهشة أن السفينة عُثر عليها خالية من البشر تمامًا بحالة ممتازة، اختفى الطاقم وترك ورائه كل شئ، حتى أن دفة السفينة لم تكن مربوطة. شحنتها لم تلمس والأغراض الشخصية للركاب لا تزال في مكانها الصحيح، بما في ذلك الأغراض القيمة. أما الركاب لم يراهم أو يسمع عنهم أحد بعد ذلك ويعد هذا اللغز من أكثر الألغاز البحرية غموضا إلى اليوم.
لم يتم العثور على الطاقم أبدًا، الدفة لم تكن مربوطة، البوصلة كانت محطمة. أفاد العديد من الأشخاص خلال التحقيقات حول الحادثة آنذاك أنها سفينة عُرف عنها أنها ملعونة -على حد زعمهم-. بسبب الغموض حول تلك الحادثة أصبحت “ماري سليست” مادة خصبة للأساطير والأفلام مثل فيلم الرعب الكلاسيكي “السفينة الشبح” عام 1935م.
إختلاط الواقع بالخيال
مع مرور السنين القصة بدأ يشوبها بعض الأساطير كما فعلت صحيفة لوس أنغلوس تايمز، حيث أدعت انه عندما عُثر على السفينة كانت العشاء مُعد وموضوع على الطاولات مع أدوات الطعام لكنه لم يُمس. في الحقيقة هذا الجزء من خيال الصحيفة.
advertisements
محاولات للتفسير
هناك بعض التفسيرات المنطقية التي تحاول أن تحل لغز هذه السفينة وألغاز إختفاء طواقم سفن أخرى تسير في المحيط هائمة.
التقدير الخاطئ
أحد التفسيرات المنطقية لتلك الظاهرة هو أن الطاقم يعتقد بأن هناك ثمة عطل ميكانيكي سيؤدي إلي إغراق السفينة فيقرر تركها قبل أن تغرق بهم وتصبح النجاة مستحيلة ولكنها لا تغرق بعد هروبهم بسبب تقديرهم الخاطئ. هذا التفسير يلقى رواجًا لأن أغلب السفن التي يُفقد طاقمها لا يتم العثور فيها على قارب النجاة.
القبطان مورهاوس متورط في جريمة!
عندما عاد القبطان مورهاوس مكتشف أمر سفينة ماري سليست طالب السلطات بمكافأة لأنه استطاع العثور علي السفينة ثنائية الصواري. الأمر الذي أثار ريبة السلطات آنذاك وهل عثر القبطان مورهاوس على السفينة صدفة وببراءة؟ أم أنه متورط في جريمة قتل الطاقم وإلقاءه في البحر هو وطاقم سفينته؟
الطاقمان متورطان
آنذاك المدعي العام في جبل طارق شك في الأمر، واعتقد ان طاقم سفينة ماري سليست وطاقم سفينة ديا كراتيا متواطئين معًا للحصول على مكافأة خصوصًا أنهم عادوا بالسفينة بكل سهولة. لكن فريق التحقيق لم يثبت هذا الإدعاء أيضًا، فلم يتم محاسبة الطاقم العائد.
إفادة جاي جيفسون
في أوج شهرة ماري سيلست نشرت صحيفة بريطانية آنذاك شهادة شخص أدعى أنه أحد ركاب السفينة وقال أن السفينة ملعونة من البداية وأنه كانت تحدث علي متنها أمور غريبة وأن شخص مضطرب أو مصاب بلعنة هو من قام بقتل طاقم السفينة. وهو تفسير يفضله هواة الخوارق خصوصًا بعدما ارتبطت السفينة كما ذكرنا في البداية بحوادث كثيرة مما يعتبره البعض نحس أو لعنة!
التفسير كان مكتوب بإتقان لدرجة أن الحكومة البريطانية والأمريكية قررا البحث عن جاي جيفسون ليتضح أنه من نسج خيال الكاتب الأسكتلندي آرثر كونان دويل الذي هو نفسه مبتكر شخصية المحقق شارلوك هولمزّ
في النهاية تبقى التفسيرات مجرد محاولات لتخمين أو استنتاج ما حدث، لكن في واقع الأمر نحن لن نعرف أبدًا ما حدث. كل ما نعرفه هو أن السفينة المهجورة ماري سليست هى أحد أغرب القضايا في التاريخ.
advertisements
مصادر:
Begg, Paul (2007). Mary Celeste: The Greatest Mystery of the Sea. Harlow, Essex: Pearson Education Ltd.
Fay, Charles Edey (1988). The Story of the Mary Celeste. New York: Dover Publications.
قصص الماضي عجيبة وكل شيء من الممكن أن يحدث وأن يكون حقيقي
ردحذفوربما لا .. جزاكم الله خير
مثيرة للاهتمام جداً ..
ردحذفعلى الاقل الاناس في الماضي إن لم يفهمو شيئاً كان يتحول لاسطورة
بعكس أيامنا هذه ، إن حدث شيء غامض لا يمكن للعلم تفسيره فسيتم انكاره وتصبح قصة للمجانين
شخصياً أفضل ألا نخلط العلم بكل شيء لأن عقل الانسان محدود ، ونتقبل أن هناك أمور غامضة لا نعرفها بين الحين والآخر
موضوع جميل استمتعت بقراءته .. شكراً
نحن اخذناها على شكل درس في منهج اللغه الانجليزيه لاكن القصه مختلفه تماما في المنهج على اساس انه ظهرت السفينه من العدم وقبطان السفينه الاولى ما كان يعرف قبطان السفيه الاخرى و عندنا مو موجود انه تم اتهامه على انه مشترك با الاختفاء
ردحذفبا الاخير تبقى اسطوره مشوقه
ربما تكون قد دخلت ضمن مجال فيزيائي نشط لأن من حلال الفيزياء يمكن للاشياء ان تختفي ثم تعود
ردحذف