الثلاثاء، 23 يوليو 2019

هذا المقال من قسم :

متلازمة ستكهولم - عندما تتعاطف الضحية مع الجاني!



ظهر مصطلح "متلازمة ستكهولم" في سبعينات القرن الماضي، حيث استخدمه الأطباء النفسيين لوصف مجموعة من الخصائص النفسية التي لوحظت للمرة الأولى على بعض الأشخاص الذين تم أخذهم كرهائن خلال عملية سطو مسلح على بنك في مدينة ستوكهولم في عام 1973.

خلال عملية السطو قام السارقان باحتجاز أربعة من موظفي البنك كرهائن تحت تهديد السلاح لمدة ستة أيام داخل قبو البنك، ولكن بانتهاء الأمر، بدا أن الضحايا قد طوروا مشاعر إيجابية تجاه خاطفيهم وصلت إلى حد التعاطف معهم، الأمر الذي أثار حيرة أطباء النفس في هذا الوقت، كيف تمكن الرهائن من بناء روابط عاطفية مع خاطفيهم وراحوا يدافعون عنهم بعد تلك المحنة المرعبة التي هددت سلامتهم؟

تعتبر هذه الظاهرة أمرًا غير عاديًا ولا تحدث إلا نادرًا، وقد تتكرر في حالات أخرى مثل ضحايا الإساءة المنزلية.

واحدة من أشهر الأمثلة لمتلازمة ستوكهولم هي (Patty Hearst)، وهي فتاة ثرية ذات شهرة واسعة، تعرضت Patty للاختطاف في عام 1974، وساعدت خاطفيها على سرقة أحد البنوك وعبرت عن دعمها الكامل لقضيتهم المسلحة.

ومن الأمثلة البارزة الأخرى Elizabeth Smart))، وهي مراهقة من يوتا، اختطفت عام 2002، أبدت Elizabeth حرصًا كبيرًا على سلامة خاطفيها بعد القبض عليهم!

الأعراض

لم يتم إدراج متلازمة ستوكهولم في الإصدار الأخير من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية، وهو الأداة المرجعية التي يستخدمها علماء النفس لتشخيص الأمراض العقلية والسلوكية.


يقول (Steven Norton)، العالم النفسي في الطب الشرعي في روتشستر، مينيسوتا: "إن متلازمة ستوكهولم مفهوم نفسي يستخدم لتفسير بعض ردود الفعل، لكنه ليس تشخيصًا رسميًا في حد ذاته، ويجب على القائمين على تنفيذ القانون وأخصائي الصحة العقلية أن يدركوا أن متلازمة ستوكهولم يمكن أن تحدث لأي كان، وأن يتعاملوا مع الحالة بقبول ووعي".

يقول Norton: "إن الشخص المصاب بمتلازمة ستوكهولم قد يبدأ بالتعرف على خاطفيه ويشكل اتصالًا وثيقًا بهم، ثم يبدأ بالتعاطف معهم حتى أنه قد يصبح داعمًا لهم".

ذلك لأن الضحية المصابة بمتلازمة ستوكهولم قد تصبح خائفة وحزينة بشكل كبير، ولا تستطيع رعاية نفسها، هذا ما قد يجعلهم أكثر اعتمادًا على خاطفيهم للحصول على الرعاية".

يُظهر ضحايا متلازمة ستوكهولم سمتين أساسيتين:

- المشاعر الإيجابية تجاه خاطفيهم

- والمشاعر السلبية، مثل الغضب وعدم الثقة، تجاه جهات تنفيذ القانون

وفقًا لنشرة تطبيق القانون الصادرة عن مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي لعام 1999، أن الضحايا قد يخشون على سلامتهم من تدخل الشرطة.

يقول Norton: "لا توجد معايير واضحة لتحديد ما إذا كان الشخص مصابًا بمتلازمة ستوكهولم أم لا، كما يمكن أن تتداخل أعراض متلازمة ستوكهولم مع الأعراض المرتبطة بتشخيصات أخرى، مثل اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) و"العجز المكتسب" حيث يفقد الأشخاص الذين يتعرضون لحالات مرهقة خارجة عن إرادتهم بشكل مستمر القدرة على اتخاذ القرارات.

الأسباب

ليس من الواضح تمامًا سبب حدوث متلازمة ستوكهولم، اقترح خبراء الصحة العقلية أنها استراتيجية وقائية للتكيف مع الحدث عند التعرض للإيذاء الجسدي والعاطفي.

يفضل Norton وصف الأمر على أنه شكل من أشكال البقاء، وإنها استراتيجية البقاء على قيد الحياة وآلية المواجهة التي تحدث نتيجة الخوف والاعتماد على الغير والصدمة من الوضع.

أصدر (Dee L. R. Graham)، عالم النفس والأستاذ الفخري بجامعة سينسيناتي، وزملاؤه بيانًا تم نشره في عام 1995، يفيد بأن متلازمة ستوكهولم قد تحدث في ظل الظروف الأربعة التالية:

- شعور الضحايا بخطر على حياتهم بعيدًا عن خاطفيهم

- شعور الضحايا بلطف المعاملة من خاطفيهم وإن كانت بسيطة، مثل تلقي الطعام أو عدم التعرض للأذى

- عزل الضحايا عن العالم الخارجي فلا يستمعون إلا لآراء خاطفيهم فيتبنوها

- إذا شعر الضحية أنه غير قادر على الهرب من الأسر

أحد التفسيرات المحتملة لكيفية تطور المتلازمة هو أن محتجزي الرهائن قد يهددون بقتلهم في بداية الأمر، فيتولد لدى الرهائن شعورًا بالخوف على حياتهم، ولكن إذا مر الوقت ولم يقدم الخاطفون على إيذائهم، فقد يشعر الرهائن بالامتنان لهذا اللطف الغير متوقع.


يعلم الرهائن أيضًا أنه من أجل الإبقاء على حياتهم، يجب أن يكونوا متعاونين مع خاطفيهم، وأن يظهروا بعض السمات النفسية التي ترضي هؤلاء الخاطفين، مثل التبعية والامتثال.


يعتقد الخبراء بأن قسوة الحادث المأساوي إلى جانب عدم تعرض الضحايا إلى الإيذاء البدني، هو الذي يخلق الفرصة لتطور متلازمة ستوكهولم لدى الضحايا، على الرغم من شعورهم بالخوف والقلق الشديدين.


وفقًا لنشرة تنفيذ القانون الصادرة عن مكتب التحقيقات الفيدرالي لعام 2007، قد يشجع المفاوضين على تطوير المتلازمة، لأنهم يعتقدون أن الضحايا قد يكون لديهم فرصة أفضل للبقاء على قيد الحياة إذا أبدى الخاطفون بعض الاهتمام برفاهية الرهائن.

0 التعليقات:

إرسال تعليق